¤الســـــؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجتُ منذ عامٍ، وكان والدي مُعترضًا على زوجتي، ومن اليوم الأول وهو يقول لي: طلِّقْها! إشترطتُ على زوجتي قبل العقد أن تسكنَ مع أبي وأمي، فوافقتْ، وبالرغم من ذلك رفض أبي تسليمي البيت!
وافقتْ زوجتي على السكن، وللأسف والدِي ووالدتي طباعهما حادة جدًّا، وكانت زوجتي تتحمَّل البيت، وخصوصًا أن بيتنا هو مقر العائلة، وهي تخدم الجميع!
حملتْ زوجتي في أول مولود، ولم تستطع الصبر، وحَدَثَتْ مُشاجراتٌ شديدةٌ بيننا، أَدَّتْ إلى أنني طَرَدْتُها وهي حاملٌ مِن البيت، وإزدادت الأمورُ تعقيدًا، مما أدَّى إلى مشاجرات بين العائلتينِ!
ذهبتُ إليها وإعتذرتُ، لكنها رفضت الرجوع، وطلبتْ بيتًا خاصًّا بها، وعرضتُ الأمر على أهلي، لكنهم رفضوا، وهددوني إن لم أطلقها فسينهون علاقتهم بي تمامًا، بل هددوني في عملي.
ماذا أفعل؟ هل أتخلى عن زوجتي والمولود الجديد الذي لم يخرج إلى الدنيا؟ أو أعصي والديَّ؟
* الجـــــواب
بسم الله الموفِّق للصواب، وهو المستعان.
سلامٌ عليكم، أما بعدُ:
فليتك يا أخي إذا لم تحسنْ أن تستأجر لزوجتك الكريمة دارًا تعيشان فيها كالأزواج الكرام أكرمتها في بيت أهلك، ولم تطردها منه وهي منك حُبْلى!
والله لا ترضى امرأةٌ بالعيش مع أهل زوجها في دارٍ واحدةٍ يُشاركونها الحياة مع رجل حياتها إلا محبةً لزوجها، وطلبًا لرضاه، وإلا فحلم كلِّ امرأةٍ في الدنيا أن تعيشَ في بيتٍ مستقرٍّ منفردٍ يجمعها بزوجٍ يحبها وتُحبه، تتحقَّق فيه معاني السكَن، وتمتد فيه ظلال الرحمة والمودة، وهو حقٌّ أَقَرَّهُ الشرعُ لكلِّ زوجةٍ، لتحسن التبعُّل لزَوْجِها، والتزيُّن له، ومصاحبته في الزوجية والعشرة، ففي -الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام- ما نصُّه: وسُئِل مالكٌ عن امرأةٍ تزوَّجَها رجلٌ، فأسكنها مع أبيه وأمه، فشكت الضرر في ذلك، فقال مالكٌ: ليس له أن يسكنها معهما، فقيل له: إنه يقول: إن أبي أعمى، وأغلق دوني ودونه بابًا، قال: يُنظر في ذلك، فإن رُئِي ضررٌ، كأنه يقول: إن رئي ضررٌ يحولها عن حالها، ومع تحمُّل زوجتك لذلك الضرر الذي لحقها مِن السكنى مع أبيك وأمك، إجتمعتْ مع أهلك على إهانتها وطرْدِها مِن بيت الزوجية، ثم تطمع بعد هذا في رُجُوعِها إليك؟!
رأيي، أن تتفقَ مع زوجتك على بقائها عند أهلها، والنفقة عليها هناك حتى تضعَ حملَها، وتنقضي أيام نفاسها، وهي فترةٌ كافيةٌ لتشتاق إليك، وتراجع من نفسها ومِن رغبتها في البقاء عند أهلها، وربما إتصلتْ بك، وطلبتْ رُجوعها إلى البيت مِن تلقاء نفسها، وخلال هذه المدة فتِّش عن بيتٍ تستأجره لها يكون قريبًا مِن بيت أهلك، فالشرُّ الذي بينها وبين أهلك يدعو إلى التحوُّل عنهم، فضلًا عن هذا المكر الذي يُحاك ضدها لتطليقها متى ما وضعتْ ما في بطنها!
ولا تتَّكِل على وظيفةٍ تُهَدِّد بها صباح مساء، بل إبحثْ عن عملٍ مستقلٍّ، وأسأل الله تعالى أن يُغنيك بفضله عمن سواه.
واسْعَ في بِرِّ والديك، وإستمالة قلبيهما عليك وعلى زوجتك بالحكمة، وخفْضِ الجناح، ولين الجانب، ولا تكنْ عون الشيطان على إفساد العلاقة بين زوجتك ووالديك، فلشخصيتك، وإرادتك المسلوبة، وأسلوب تعاملك مع أهلك وزوجتك، دورٌ رئيسٌ لما آلتْ إليه أمورُك وأحوالُ بيتك، واسأل الله التوفيق والرزقَ، فبِيَدِه وحده مفاتح الرزق والتوفيق، وعسى الله بمنِّه وكرمه أن يصلحَ الحال، وينعم البال، ويرزقك وأهلك دِفْء السعادة وراحة الاستقرار، اللهم آمين.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب
الكاتب: أ. عائشة الحكمي.
المصدر: موقع الآلوكة.